
أكبر عملية نهب في التاريخ الحديث
العراق اليوم عبارة عن فضيحة كبرى، لن نستطيع حصر عمليات الفساد المالي والنهب المنظم للدولة العراقية ومقدراتها الا بمرور سنوات من العمل الجاد الحقيقي لتوثيق الخسائر المالية جرّاء عمليات السرقة والهدر الكبير خلال 13 عام منذ 2003 ولغاية هذا اليوم في 2016 ولايزال الوضع مستمرا في تفاقم. المشكلة الحقيقية تكمن في السكوت الدولي عن هذا الموضوع و عدم اعتباره جريمة في حق البلد وهذا يرجع لكون جميع الاطراف والدول بما فيها دول الجوار مستفيدة من حالة الشذوذ المخيف الذي يعيشه العراق منذ 2003. نستطيع تشبيه الاحزاب والاشخاص الذين جاءوا لحكم العراق بعد 2003 بالذئاب الجائعة لمدة طويلة وتم افلاتها في مزرعة مليئه بالخراف والدجاج. ميزانيات العراق لثمان سنوات من الدورتين السابقتين (2006 – 2014) والتي تقدر ب (850 مليار دولار) ذهبت هباءا منثورا لم يستفد منها البلد ولا المواطن بل ذهبت الى جيوب وكروش الفاسدين والحرامية واهدرت بشكل لايتخيله انسان. 13 سنة منذ 2003 ولم يتم بناء مستشفى مثل مستشفى اليرموك، ولم يتم بناء جسر مثل جسر الجادرية، ولم يتم توفير الكهرباء مثلما كانت متوفرة في زمن الحصار والحرب…
قناعتي عن الوضع الحالي حسب المعطيات المتوفرة تعطيني انطباعا باستحالة تحقيق العدالة بحق هؤلاء الفاسدين السارقين عديمي الشرف و الضمير، لكن التاريخ يقول عكس ذلك بان قطيع الذئاب البشرية الذي استباح مقدرات العراق بعد 2003 لن ينجو بفعلته وسيكون لهم موعد مع أحلك واقسى النهايات السوداوية، لماذا ؟ لان تاريخ العراق الدموي يخبرنا ببساطة بمصير من يقترف مثل هذه الامور.
حاولت القيام بعملية جمع وتقصي وأرشفة للعناوين الرئيسية للفساد والهدر المالي في العراق ولخصتها بهذه النقاط لكي تبقى للتاريخ وصمة عار كبيرة في وجه الشلة الفاسدة المتحكمة بمقدرات البلد، واحب ان اضيف ان فضيحة واحدة من فضائح الفساد هذه كانت لتودي بحكومات بأكملها في اي دولة اخرى حتى دول العالم الثالث، لكن العراق بلد الفساد المقدس باسم الدين ومباركة وسكوت الجميع تحصل فيه عشرات ومئات الفضائح ولا يتم محاسبة المقصرين حتى بل يستمرون في مناصبهم او يتم تدويرهم الى مناصب اخرى او يتم تسفيرهم للخارج في الحالات القصوى. ولن اتكلم عن ابطال كل صفقة وفضيحة من هذه الفضائح لانني اعتبرهم كتلة فاسدة واحدة لايختلفون عن بعضهم بعض.
فضيحة أجهزة كشف المتفجرات
فضيحة كبرى تتلخص في البدء بشراء الحكومة العراقية لحوالي 6000 جهاز (ADE 651) من المفترض ان تكون كاشفة للمتفجرات بمبلغ 40 مليون دولار للفترة بين 2008 الى 2010 ثم وصلت القيمة الكلية الى حوالي 85 مليون دولار. تبين فيما بعد انها اجهزة كاذبة تم سرقة تصميمها من اجهزة العثور على كرات الغولف في الولايات المتحدة ولا يتعدى سعر الجهاز حسب تقرير ال BBC ال 2 جنيه استرليني. قامت الحكومة البريطانية بسجن البريطاني صاحب الشركة المسؤولة عن بيع هذه الاجهزة الى العراق وحكمت عليه ب 10 سنوات، لكن الطامة الكبرى بان الجهاز مايزال مستخدما على نطاق واسع في العراق في مشهد كوميدي في اغلب السيطرات على الرغم من سجن صاحب الشركة المصنعة واتهامه علنا بالغش والخداع. وتتمثل فداحة هذا الموضوع بسبب عدم الاكتراث الى الاف الارواح التي ازهقت بسبب فشل هذا الجهاز المزيف بحماية المواطنين.
يقول شرطي عراقي طلب عدم ذكر اسمه كان يستخدم الجهاز الكاذب على احد حواجز التفتيش “ان الجهاز فاشل مئة بالمئة ونحن نعرف ذلك لكنه مفروض علينا ولا يمكننا ان نخالف الأوامر الصادرة”.
إليكم تقرير البي بي سي حول هذه الفضيحة:
فضيحة صفقة الطائرات الكندية المدنية
هي صفقة لشراء طائرات CS300 مدنية من شركة كندية بأسعار مضاعفة تفوق قيمتها الحقيقية ب 277 مليون دولار وعزمت بعدها الحكومة العراقية بيعها الى شركة كندية بقيمة تقل عن سعرها ب 70%، وكانت الطائرات غير ملائمة للاجواء العراقية وضيقة غير مريحة للركاب لاتتسع سوى ل 70 شخص لصغر حجمها الداخلي.
فضيحة صفقات الأسلحة الروسية
صفقة شراء اسلحة روسية بقيمة 4.2 مليار دولار تم تم توقيعها في 2014 ومن ثم تم الغائها بعد ان فاحت رائحة الفساد من ناحية الاسعار وكذلك المواصفات الفنية، قام بهذه الصفقة اشخاص بعيدين عن الاختصاص المطلوب وتم على اثرها عملية تغيير كبرى في القيادات الروسية العسكرية حيث تم استبدال وزير الدفاع الروسي.
فضيحة المدارس بما يسمى ب ( الهياكل )
صفقة فساد خسيسة تمس مستقبل وحياة الاطفال العراقيين، حيث تعاقدت الحكومة العراقية مع شركة ( اي بي سي ) الايرانية لبناء 200 مدرسة باسلوب الهياكل الحديدية عام 2008 بعد ان قام وزير التربية الملا (خضير الخزاعي) بزيارة الى طهران للاتفاق على المشروع. كبدت هذه الصفقة العراق خسائر بحوالي 250 مليون دولار حيث لم يتم انجاز المدارس وتركت الشركة مواقع المدارس على هيئة هياكل حديدية بقت تذكار على مدى الكارثة التي يعيشها البلد تحت حكم الحرامية الذين لم يتورعوا عن سرقة احلام الاطفال بالتعليم والمستقبل.
فضيحة عشرات الآلاف من الفضائيين
“الفضائيين” هو مصطلح اطلقه العراقيين على الالاف من الاسماء الوهمية (الغير موجودة على ارض الواضع) في سجلات الموظفين في الوزارات العراقية بعد 2003 ويستلمون رواتب تذهب الى مافيات الفساد المتفشية وخاصة الوزارات الامنية، بحيث صرح رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي بأن حوالي 50 الف اسم وهمي (فضائي) في وزارة الدفاع وحدها كمرحلة اولى، تصرف لهم الدولة رواتب تذهب الى جيوب الحرامية في الوزارة. هذا الرقم الذي يشكل حالة فريدة لم نسمع عنها في اي جيش في العالم عبر العصور. وتوجد اخبار كثيرة متداولة عن وجود 75 الف اسم وهمي (فضائي) في وزارة الداخلية كمرحلة اولى. واتضحت هذه الظاهرة خلال انهيار الجيش أمام تنظيم “داعش” الارهابي في شمال العراق. كما تعدى هذا الموضوع الوزارات الى ميليشيات الحشد الشعبي فبحسب علمي ان هناك 26 ميليشيا شيعية تقاتل تحت اسم الحشد الشعبي لكن الواقع لا يكشف الا عن اربعة او خمسة ميليشيات تقاتل على الارض. كذلك يقدر الاقتصاديين ان اكثر من نصف موظفي الدولة العراقية لايؤدون عملا حقيقيا.
الارقام مهولة !!
لنقم بعملية حسابية بسيطة للعدد الرسمي الذي ادلى به رئيس الوزراء عن وزارة الدفاع فقط …/// لو افترضنا ان عدد الفضائيين في وزارة الدفاع هم 50,000 منتسب والعدد بتوقعي اكبر لانه لم تتم عملية تدقيق حقيقية تقوم بها لجان مختصة. و اذا قمنا بحسبة بسيطة لرواتبهم ستكون لا تقل عن 500 مليون دولار سنويا !! هذا ماعدا عن مخصصات الطعام ووو. ثم ماذا عن مصير 50 الف بندقية ومخازن ذخيرة وجعبة وخوذة ؟ اين ذهبت ؟ لا ننسى كذلك ان هؤلاء يعطون 50 الف صوت في الانتخابات، فيا ترى الى اين ذهبت ؟؟
فضيحة بيع الرتب العسكرية
فقدت الرتبة العسكرية العراقية قيمتها بعد تولي شرذمة الاحزاب الدينية الحكم في العراق فاصبحت الرتبه تعطى لمن هبّ ودبّ ووصلت الامور الى ان الرتب العسكرية اصبحت لها بورصة وتسعيرة خاصة لكل منها حسب الدرجة ومنطقة الخدمة، استمع لمثال الالوسي يتحدث عن هذه المهزلة في هذا الفديو:
فضيحة الاتفاقات النفطية (التراخيص النفطية)
قد تكون هذه الاتفاقات هي اكبر صفقة فساد في القرن الحالي ضيعت العراق ومستقبل اجياله القادمة. هذا الموضوع شائك لكن مختصره انه حتى اذا الشركات لم تقم باي عمل فانها تحصل على اجور عمل يضاف لها ماسوف تعمله فعلاً من زيادة في الانتاج، اضافة الى التكاليف الاخرى وهي السفر والتعليم والصحة والطعام والشراب والفيز والسهرات والترفيه لموظفي الشركات وعوائلهم حيث تسجل كلها على العقود وعلى الجانب العراقي. حيث يدفع العراق للشركات تعويضا عن كمية النفط الذي بمقدور شركات جولات التراخيص انتاجه وتفشل الوزارة بخزنه او تسويقه وهذا بالطبع ما سيحصل لان العراق غير مستقر ولايستطيع انشاء مشاريع للخزن او التسويق بسبب الفساد، يعني وبشكل ابسط “اذا توقف الانتاج لاي سبب كان، مثلا سوء الاحوال الجوية او اضطراب الوضع الامني او عدم القدرة على التخزين والتسويق فان الشركات تستوفي اجورها كاملة حسب الاجور المقرره حتى لو كانت نسبة الانتاج صفر بغض النظر عن سعر البرميل وكلها ستتراكم على العراق بشكل ديون يجب ان يدفعها للشركات.”
ضاع مستقبل البلد
أجر العامل في شركات جولات التراخيص هو 12 الف دولار شهريا وهو الحد الادنى. عقود الحماية التي تنفذها شركات اجنبية تصل الى 30 % من قيمة العقد. كذلك لم يتم تضمين العقود خطة لاستغلال الغاز الطبيعي المصاحب مما ادى بالشركات الى احراق ملايين الاطنان من الغاز المصاحب لعملية استخراج النفط بما يعادل 170 الف برميل نفط يوميا من الخسائر. قام السياسيين بايهام الناس بأن عقود التراخيص لا تكلف العراق سوى دولارين للبرميل الواحد في حين ان الحقيقة انها تكلف اكثر من 20 دولار وقاربت ال 23 دولار بينما كانت لا تتجاوز ال 8 دولارات سابقا وهو ما اعترف به رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
قيل في العقود ان الشركات سوف تصعد بالانتاج الى ١٢مليون برميل يوميا وهذا ضرب من الخيال وكذبه كبيرة لان لاحصة العراق في السوق العالمي تسمح له بذلك ولا الابار والحقول التي ذهبت الى جولات التراخيص سيكون باماكنها انتاج ذلك اضافة الى الكثير من الاعتراضات الاخرى.
قال بهاء الاعرجي نائب رئيس الوزراء السابق بان هذه العقود تتسبب بخسارة العراق نحو 12 الى 15 مليار دولار سنويا.
ملفات الفساد لاتنتهي في العراق
- فضيحة تهريب العملة بشكل يومي من البنك المركزي.
- فساد وزارة التجارة بضمنها البطاقة التموينية واستيراد مواد مسرطنه.
- اعداد المستشارين الهائلة الذين لا فائدة لهم في دوائر الحكومة العراقية ورواتبهم الخيالية.
- اعداد الحمايات الضخمة جدا التي يتمتع بها المسؤولين الحاليين والسابقين وحتى من لايمثل جهة رسمية.
- الاف العقود الوهمية.
- ملف الرواتب والمخصصات الخيالية التي يتمتع بها اعضاء الحكومة العراقية.
- الاموال العراقية التي تم العثور عليها في لبنان.
- الشهادات المزورة للوزراء والنواب والمحافظين وباقي المسؤولين.
- هدر الاموال الرهيب في وزارة الكهرباء.
- فضيحة الفساد التي رافقت التحضيرات للقمة العربية في بغداد.
- فضيحة الاستيلاء والانتفاع من عقارات الحكومة العراقية السابقة قبل 2003.
هناك 9 الاف مشروع وهمي او متلكيء في العراق بقيمة تصل الى نحو 200 مليار دولار. في حين تم تقدير حجم الهدر المالي الذي تم خلال فترة حكم المالكي ب 109 مليار دولار في سياق منفصل.
علي التميمي / محافظ بغداد
هناك 4 تعليق على موضوع: أكبر عملية نهب في التاريخ الحديث
رأيك مهم، نتمنى منك قراءة التالي:
صديقي/صديقتي، التعليق في موقع صوت العقل متاح للجميع و نحن ملتزمون بنشر جميع التعليقات خلال فترة قصيرة جدا، الغرض من اتاحة هذه الخاصية هو لاثراء المواضيع و ممارسة حرية النقاش البناء و طرح الاراء لاننا نقدس العقل و ما ينتج منه عنه اراء، لذلك نتمنى من الجميع الالتزام بالنقاط التالية قبل التعليق:
- احترام الاخرين
- عدم الخروج خارج الموضوع
- يمنع النسخ و اللصق منعا باتا
- في حالة رغبتكم بادراج مصدر يمكنكم وضع الرابط له في التعليق
كل الشكر والتقدير للكاتب الكبير والمفكر الاستاذ مصطفى على ما يقوم به من نشر المقالات التى تزيدنا علما سواء كانت مقالات سياسيه او دينيه او اجتماعيه واتمنى منه ان يعرفنا بالكثير لكى ينير عقول الجهلاء وتجار السياسه وتجار الدين ..
شكرا لمروركم الكريم، أفرح جدا عندما أجد من يرى المواضيع التي أقوم بأرشفتها مفيدة، بصراحة الوضع المأساوي لبلدنا ومنطقتنا على كل الصعد السياسية، الإقتصادية، الدينية والفكرية هي التي دفعتني لهذا العمل…
تقبل تحياتي اخي العزيز وشكرا لتعليقكم
العراق بالنسبة لهم من الغنائم لذلك استولوا على كل ثرواته والتخريب والنهب مقصود انتقاما وخدمة لأسيادهم من خارج البلد.
المشكلة في الشعب الذي لا يتحرك لكنس هذه النماذج رغم مرور 14 سنة من الويلات و الكوارث.