
عقوبة الإعدام هل تحقق العدالة ؟
من المواضيع التي أقف فيها بمفردي عند إندلاع النقاشات حولها هي ( عقوبة الإعدام ) و مدى ضرورتها في مجتمعاتنا، في البداية كنت مع تطبيق العقوبة بسبب كمية الجرائم الرهيبة التي عايشناها منذ 2003 وحتى هذه اللحظة في العراق.
- جماعات إرهابية متطرفة ؟
- ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون ؟
- عصابات الخطف والقتل التي تجوب شوارع بغداد ؟
قلّة من الناس ستفكر بمبدأ إلغاء عقوبة الإعدام في ظل الوضع السريالي الذي مرّ على البلد بعد حلول ديمقراطية الأحزاب الدينية. شخص يضغط على زر التحكم عن بعد ليقوم بتفجير سيارة مفخخة و بكامل إرادته بوسط سوق شعبي مكتظ بالنساء والأطفال ؟ كيف لا يطبق عليه حكم الإعدام إذا تم إلقاء القبض عليه ؟ ليعدم و إلى جهنم وبئس المصير ( مع إني لا اؤمن بوجودها 🙂 ).
لكن مهلا .. !!
المغتصب، القاتل، السارق، الإرهابي لو القي القبض عليه وتم إعدامه، بإعتقادكم هل سينتهي الموضوع وتتحقق العدالة بموته ؟
لا أعتقد هذا، بعد رحلة قصيرة من التفكير بالموضوع، أنا غيرت قناعاتي و لا أرى إن إعدام المجرم وسيلة فّعالة لتحقيق العدالة مطلقا. كيف ؟ سأحاول الشرح قدر إستطاعتي…
أنا أعتقد إن عقوبة الإعدام هي تعتبر الحد الأقصى للعقوبة، حيث تنتهي معها حياة المجرم، أي إن تطبيقها هو بمثابة إنزال العقوبة المطلقة على الشخص المجرم وبهذا يتم إنهاء حياته وإغلاق القضية في الغالب. لكن السؤال هنا هو :
هل إن مسؤولية هذا المجرم هي مسؤولية مطلقة عند إرتكابه للجريمة ؟
هذا المجرم ( القاتل، المغتصب، الإرهابي أو السارق) بالتأكيد تعرّض في فترة من فترات حياته إلى ظروف أوصلته إلى هذا الحال الذي إرتكب فيه جريمته، المغتصب في كثير من الأحيان يكون قد تعرض للإغتصاب في فترة الطفولة و الذين يرتكبون الجرائم ضد النساء في كثير من الأحيان تكون ظروفهم العائلية صعبة للغاية أثناء طفولتهم بسبب عمل الأم في الدعارة مثلا، ناهيك عن السرقات التي تتم بسبب العوز والجوع والحاجة إلى المال لإقتناء المخدرات وغيرها (أنا هنا لا ابرر أبدا فقط إقرأ معي للنهاية).
وهذا ما يجرنأ الى موضوع اخر و هو دور المجتمع ومسؤولية الدولة الممثلة بالمؤسسات الحكومية في توفير سبل العيش الكريم للمواطن، فإنتشار المخدرات، الفقر والجوع، إنتشار الأفكار الإرهابية وغيرها من المسببات هي مسؤولية الدولة بشكل خاص، فالتقصير والفساد والتوجهات الخاطئة للدولة (الدينية مثلا) كل هذه العوامل تدفع أفراد المجتمع نحو حافّة الهاوية و إرتكاب المخالفات والجرائم، وبهذا أطرح السؤال من جديد :
هل يتحمل المجرم المسؤولية الكاملة لوحده ؟
الجواب لا … المجتمع والدولة بشكل عام تتحمل الجزء الأكبر من توجه الأفراد نحو الجريمة، و بهذا لا يجب تطبيق العقوبة المطلقة (الإعدام) بحق المجرم لأن مسؤوليتة بالمقابل ليست مطلقة، بل يجب أن تتحمل الدولة جزء من المسؤولية عن طريق عمل الإحصاءات و تشخيص مسببات الجريمة من الجذور وبالتالي حلّها عن طريق تحمل جزء من المسؤولية، بل يتعدى الأمر إلى محاسبة الفاسدين و المقصرين الذين أوصلوا المجتمع إلى هذا الحال.
ماهو الحل ؟
لنعترف أن فينا رغبة ملحة بإعدام المجرمين الذين يرتكبون الجرائم المروعة، لكن أليس الهدف من تنفيذ العقوبة هو إبعاد خطر المجرمين عن المجتمع؟ إذن ليتم سجنهم في السجون إلى أن يتعفنوا ويموتوا أو ربما ينصلح حالهم. رغبة إعدام المجرمين هو غريزة إنسانية للإنتقام وليس من حق الدولة ومؤسساتها أن تنتقم بل يجب أن تنفذ القانون الذي فيه مصلحة للمجتمع على المدى البعيد، وعندما تعدم الدولة مجرما ما فهي تتهرب من المسؤولية التي ألقتها بالكامل على كاهل المجرم وهذا غير صحيح بل يجب أن تتحمل جزء من المسؤولية.
المعادلة بسيطة، إذا كان المجرم إرتكب عملا شنيعا بكامل إرادته فليذهب إلى السجن وبهذا تم عزله عن المجتمع وبنفس الوقت تتحمل الدولة مسؤولية تأهيلة وليبقى في سجلاتها و إحصائياتها كحالة يتم دراستها من الأسباب إلى سبل الحل، واذا كان السبب نفسي أو خلل عقلي فالمصحات تحت الحراسة المشددة هي الحل الأكثر عدلا.
هناك 4 تعليق على موضوع: عقوبة الإعدام هل تحقق العدالة ؟
رأيك مهم، نتمنى منك قراءة التالي:
صديقي/صديقتي، التعليق في موقع صوت العقل متاح للجميع و نحن ملتزمون بنشر جميع التعليقات خلال فترة قصيرة جدا، الغرض من اتاحة هذه الخاصية هو لاثراء المواضيع و ممارسة حرية النقاش البناء و طرح الاراء لاننا نقدس العقل و ما ينتج منه عنه اراء، لذلك نتمنى من الجميع الالتزام بالنقاط التالية قبل التعليق:
- احترام الاخرين
- عدم الخروج خارج الموضوع
- يمنع النسخ و اللصق منعا باتا
- في حالة رغبتكم بادراج مصدر يمكنكم وضع الرابط له في التعليق
احسنت يا أخ مصطفى
شكرا لك صديقي احمد
الفكر المتطرف هو من يستحق الاعدام لأن الارهابي هو ضحية لهذا الفكر بعد ان غسل فقهاء السوء دماغه مستغلين معاناته من الفقر والكبت والحرمان. فحتى لو نفذ الاعدام بحق كل الارهابيين الا ان الفكر المتطرف موجود وسينتج ارهابيين جدد ينشرون الخراب والعنف كما يحصل الان.
من جديد تعليق يختصر كل الكلام في سطور قليلة، يجب أن تتم معالجة المشاكل من الجذور وليس فقط تقليم الأطراف التي ستنمو بدائل عنها لا محال.
شكرا لمرورك وتقبلي خالص التحية