اداوت قديمة

إصحوا … الدين هو اداة سياسية


منذ نشأته يلعب الدين الإسلامي دوره كوسيلة سياسية رهيبة، مخطيء جدا من يقول أن الإسلام هو فقط علاقة روحانية جميلة مابين المسلم وإلهه، فمنذ نشأته، أصبح هو المحرك الأساس للسياسة، الإقتصاد، الحروب والتوسعات وكل صغيرة وكبيرة في المجتمعات التي يهيمن عليها. النبي محمد بدأ دعوته من مكة بتعاليم سهلة متسامحة وهو ما ينعكس في القران في الايات المكية اللطيفة التي يستشهد بها دوما أصحاب الفكر الترقيعي، لكنه (محمد) مالبث إن أصبح قائدا سياسيا في يثرب يشرع القوانين ويسن كل كبيرة وصغير في مجتمعه الجديد (المدينة المنورة) وكله بإسم الإسلام، وخلال فترة قصيرة لعب هذا النبي دور القائد العسكري بشكل مكثف إبتداءا من قطع الطريق أمام قافلة قريش في معركة بدر مرورا بغزواته اللاحقة ضد مخالفيه، وكله بإسم الدين أيضا.

إقرأ أيضا: هل الإسلام هو حقا دين سلام؟

وهكذا أصبح نبي الإسلام قائد ديني، سياسي وعسكري بنفس الوقت (وهذا ما لم يسبقه اليه أحد من الأنبياء المزعومين) وهو ما إنعكس أيضا في السور المدنية التي نعاني منها اليوم ويعاني منها العالم أجمع. مخطيء جدا من يحاول أن يقول أن الدين الإسلامي تم إختطافه من قبل حكام سيئين جاءوا بعد محمد، الخلفاء “الراشدين” مثلا، الأمويين، العباسيين ومن بعدهم، جميعهم ساروا خلف خطى محمد النبي السياسي العسكري، يغزون الأراضي “يجاهدون” ونبيهم هو أول الغازين في الدين، يحكمون دولتهم الناشئة بإسم الإسلام ومحمد هو أول الحاكمين بإسم الإسلام.

بل حتى يقتتلون فيما بينهم وكلّه بإسم محمد..!! يصلنا في التراث الإسلامي إسطورة (العشرة المبشّرين بالجنة) وعندما نقرأ عنهم نراهم إقتتلوا فيما بينهم وخاصموا بعضهم البعض فكيف نحل هذا الإشكال؟ أيضا عندما نرى معسكر بنت محمد (فاطمة) قد إقتتل مع معسكر زوجة محمد (عائشة) مثلا في معركة الجمل التي سقط فيها عشرة ألاف قتيل حسب المصادر الإسلامية. كل هذا التناقضات تعطينا إنطباع عن الفترة المبكرة من حياة هذا الدين السياسية والعسكرية.

يجب على الواقعين بين نار الخوف من معصية دينهم، وبين الحالمين بحياة مدنية علمانية أن يعرفوا أن لامجال للمزاوجة بين الحكم المدني الحديث وبين الإسلام. هذا الدين لا يعرف التجزئة، فلن يستقر مجتمع يجمع مابين حكم مدني وبين الإسلام لا توجد تجربة واحدة في الدول الإسلامية نستطيع أن نقول إنها نموذج للحكم المدني الحديث الذي يستطيع أن يفصل مابين الإسلام والسياسة، ببساطة لأن الإسلام هو بحد ذاته سياسة، ولن يهدأ بال لهذا الدين ودعاته ومن يستفيد منه، إلا بفرض سيطرتهم على المجتمع وحكمه. وهذا مانراه من غليان في مجتمعات ودول لديها نماذج (شبه علمانية) فاشلة للحكم مثل الدول العربية والإسلامة.

فلا يستقيم الأمر إلا لأحد الأمرين، إما حكم مدني مطلق (وهو مالم نشهده أصلا) وإما حكم إسلامي (نعرف نتائجة الكارثية) . أما الحلول الوسط فهي تجلب الخراب والدمار والغليان الى حد الإنفجار. فهذا الدين غير قابل للإصلاح أبدأ. إذا ما أرادت الشعوب المنكوبة بهذا الدين أن تسلم على نفسها ومستقبل أجيالها من الكارثة، فلا مفر من الحلول الجذرية. لكن للأسف، لغاية اليوم لم يتم تشخيص المرض بشكل واضح وصريح لكي يتم البدئ في العلاج وهذه هي المصيبة. من بعد 1400 سنة من الخراب والدمار وإنعدام أي تجربة حقيقية ناجحة، لاتزال المجتمعات الإسلامية تخوض في مرحلة التشخيص..!!


هناك 6 تعليق على موضوع: إصحوا … الدين هو اداة سياسية

  1. يقول كاظم:

    تحیة طيبة
    انا اقول الاسلام من وجهة نظر اتباعه عين السياسة فلايوجد شيء اسمه سياسة وشيء اسمه دين بل هما شيء واحد كما قال حسن المدرسي ديننا عين سياستنا وسياستنا عين ديننا واما من قال ان الاسلام حالة روحية بين الخالق والمخلوق فقد حصر الاسلام بالصوفية الباطلة التي انكرها الاسلام ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم )
    فالسياسة في اللغة تعني تدبير وتنظيم امور
    الناس لذلك ورد في دعاء اللهم صل على محمد وآله قادة العباد وساسة البلاد
    اما السياسة بمعنى الخدع والكذب فهي مما يحاربه الاسلام فقد لعن القران الكاذبين في مواضع عديدة
    والاسلام لم ينفصل عن السياسة منذ ظهوره لكنه في مكة لم يمارس دوره بسبب قوة المعارضة
    واما عدم تصديقكم بان الاسلام قد تم اختطافه من قبل الخلفاء فهذا مما لا ينكر
    فكتب التاريخ تشير الى غصب الخلافة من الامام علي ع

    1. يقول المشرف:

      هنا نستطيع الإتفاق على مبدأ استحالة فصل الدين الإسلامي عن السياسة والحكم بإعتبار هذا الدين هو فكر سياسي بحد ذاته ولايقتصر على الجانب الروحي وهذا ما حاولت الوصول اليه في هذا الموضوع، جيد إننا إتفقنا أخيرا على موضوع ما 🙂

      السياسة في اللغة ليست التي أقصدها بل أقصد السياسة الواقعية مابين المجتمعات والشعوب وأخيرا الدول، والإسلام بإعتقادي هو دين سياسي بإمتياز مارس التوسعات العسكرية، الصلح والهدنة، التغيير الديمغرافي للشعوب والأمم، وكل ماشمله هذا من خدع وحيل وكذب وقتل وسفك للدماء وهذا منفصل عن لعن القران للكذابين فهذا لتنظيم امور الرعية الداخلية ولايشمل الغير فالمسلم محرم عليه أن يكذب على مسلم أو يقتل مسلم أو يؤذي مسلم ووو لكنه لا ينطبق مع غير المسلمين ولاننسى أدعية المسلمين لإخوانهم المسلمين فقط بالخير.

      حول موضوع إختطاف الخلافة من علي فهو منظوري لا تزيد عن خلافات داخلية لاتتعدى كالعادة موضوعات السلطة والنفوذ وربما المال، على العموم هي أمور تاريخية حدثت في الماضي، لكن أن يظل ظلّها يخيم علينا وعلى بلادنا ومستقبلنا ومستقبل أطفالنا فهذا أمر غير مقبول وسنظل ننتقده ونكشف خطورته.

  2. يقول انتصار:

    اتفق معك بقوة لا يمكن الجمع بين الاسلام والمدنية لأن الاسلام من الاساس دين طبقي عنصري لا يعترف بحقوق الانسان الذي ابسط حقوقه ان يعيش بكرامة لكن الاسلام مثلا يشجع على الصدقات للفقير بدلا من ان انهاء مشكلة الفقر والذل.. وغير ذلك الكثير وتجربة بلادنا مع الاسلام السياسي خير دليل على فشل الاسلام في زمن العلم والمبادئ الانسانية..
    تحياتي استاذي وشكرا للقلم الراقي

    1. يقول المشرف:

      الصديقة العزيزة إنتصار…
      فرحت جدا لقراءة تعليقك من بعد هذا الإنقطاع الطويل، نعم هذا الدين يشّجع على الصدقات مثلا بدلا من إنهاء مشكلة الفقر الأساسية التي تجلب الذل والحاجة للسير وراء أصحاب النفوذ الذين يستغلون الدين. إنها حلقة مفرغة. كلام رائع شكرا لك…

  3. يقول ياسين من المغرب:

    باطلالة خفيفة على الموقع الذي وصلت اليه صدفة خلال بحث في موضوع معين اعجبتي المدونة و بساطة المواضيع و سلاسة الافكار و البعد عن التطرف في الرأي
    Good luck

    1. يقول المشرف:

      شكرا جزيلا لك صديقي ياسين
      تقبل خالص التحية

رأيك مهم، نتمنى منك قراءة التالي:

صديقي/صديقتي، التعليق في موقع صوت العقل متاح للجميع و نحن ملتزمون بنشر جميع التعليقات خلال فترة قصيرة جدا، الغرض من اتاحة هذه الخاصية هو لاثراء المواضيع و ممارسة حرية النقاش البناء و طرح الاراء لاننا نقدس العقل و ما ينتج منه عنه اراء، لذلك نتمنى من الجميع الالتزام بالنقاط التالية قبل التعليق:

  • احترام الاخرين
  • عدم الخروج خارج الموضوع
  • يمنع النسخ و اللصق منعا باتا
  • في حالة رغبتكم بادراج مصدر يمكنكم وضع الرابط له في التعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *