
الى متى البقاء في هذا الحضيض يا عراق؟
يقول الاعلام التابع للأحزاب الدينية العراقية و حكومتها في بغداد ان داعش هو عبارة عن عصابة أو مجرد تنظيم ارهابي، لا اعرف هل هم يعون مدى الحرج الذي يوقعون انفسهم فيه؟؟ اذا كانت داعش هي مجرد عصابة فمن المعيب والمخزي ان عصابة تقوم باحتلال ثلث مساحة العراق و تتمسك بالسيطرة على ثاني اكبر مدينة عراقية وهي الموصل لمدة أكثر سنتين!!! أين الجيش العراقي؟ اليس من المخزي ان جيش البطولات الذي تشكل بعد 2003 و تم صرف المليارات عليه طيلة 14 عام يتقهقر خلال يوم واحد امام هذه العصابة في محافطة الموصل لوحدها!! لا بل يترك وراءه كامل ترسانته من الاسلحة و العتاد والدروع بل حتى الصواريخ! هذا الجيش الذي تردح قنواتهم ليل نهار ببطولاته و انجازاته على صعيد مكافحة الارهاب. على قرقوزات الأحزاب الحاكمة في بغداد ان تختار مابين امرين لاثالث لهما:
- اما ان حكمهم في العراق منذ 2003 لغاية هذه اللحظة ماهو الا مضيعة للوقت و الاموال و الارواح بحيث ان أقوى و أهم مؤسسة وهي المؤسسة العسكرية التي تم صرف المليارات عليها تتقهقر خلال ساعات امام مجرد عصابة.
- أو ان يقولوا ان داعش هي نسخة من جيش نبيهم محمد الذي كانت الملائكة تقاتل معه، بل الله نفسه كان ينزل ويقاتل معهم، كما ينص كتاب أبو جاسم: “وما رميت اذ رميت لكن الله رمى”.
يا ترى أيهم الأقرب للحقيقة؟
في عراق الهريسة و القيمة الجديد، عراق النموذج الديمقراطي الذي يقولون انه يجب ان يكون مثال للمنطقة، 14 عام من القتل و الدمار و التصفيات و الحقد الطائفي و تدمير البنى التحتية، لو نرجع قليلا للوراء لنتبين ملامح أساس المشكلة التي حصلت بعد سقوط نظام صدام حسين لوجدنا الاحزاب نفسها هي المسؤولة عن خراب الدولة العراقية الحديثة و وصولها الى الحضيض الفعلي، هل ننسى كيف كانت سيارات الدفع الرباعي البيضاء الاتية من ايران وعلى متنها اعضاء فيلق بدر و المجلس الاعلى وهم يذهبون لعناوين محددة في بغداد و المحافظات ليغتالوا ضباط الجيش العراقي و الطيارين العراقيين و مسؤولي الدولة و منتسبي الدوائر الامنية؟ اغتالوهم في بيوتهم بين عوائلهم، هل ننسى كيف عاملوا مئات الالاف من البعثيين و مئات الالاف من منتسبي الاجهزة الامنية من عهد نظام صدام حسين و حرموهم من العمل و حاربوهم عن طريق قانون (اجتثاث البعث) وبالنتيجة ابعدوهم عن لقمة العيش لهم و لعوائلهم؟ هل ننسى الخطاب الانتقامي الذي جاء به اقزام المعارضة عندما ارادوا الانتقام من قتلة الحسين بعد 1400 عام؟ يا ترى كم كنت غبيا عندما اعتقدت ان الخلاص سيأتي عن طريق هؤلاء؟ كتبت عن هذا في أوراق رجل نادم

عندما نمسك بشخص و نحاول تكتيفه و منعه من التنفس ماذا سيحاول ان يفعل؟ سيدافع عن نفسه بكل تأكيد بكل ما اوتي من قوة، بيده بأظافره باسنانه و ان تمكن بسلاحه!! هذا بالضبط ما حصل بالعراق وتم دفع السنة الى الخوف ثم الانعزال ثم المعارضة ثم حمل السلاح و بالاخر الى الحضيض و حضن الفكر الارهابي القادم من السعودية و دول الخليج، ليس الفكر فقط بل الرجال القادمين من الدول الاسلامية قاطبة وجدوا ضالتهم في العراق.
اصبحت المناطق السنية العراقية ملاذا للارهاب بل اليوم اصبحت مدارس لتفريخ الارهاب في العراق و العالم، العراق الذي لم يكن له اي علاقة بالارهاب حتى 2003. يجب ان لا نرى الصورة بشكل مجتزئ بل يجب ان نرى المشهد بأكمله، من الذي دفع العراق لهذا الاتجاه؟ من الذي حرض على التطرف الديني و الطائفية؟ من الذي أوصل الامور الى ما الت اليه اليوم؟ العراق اليوم عبارة عن بلد غير صالح للعيش لا سياسيا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا حتى مناخيا!!
كيف بدأ الامر ؟
في بداية الأمر لا نستطيع لوم الفئة التي خسرت كل شيء و تم دفعها دفعا الى الزاوية، بل اللوم بمجمله يقع على من تمتع بالسلطة و الحكم و الميزانيات الترليونية طيلة 14 سنة ولم يمد جسور الثقة و ينتشل سنّة العراق من الحضيض الفكري الذي استغله اخوانهم في الدين و المذهب من دول الجوار، بكل الاحوال انا ارى ان الامور خرجت عن السيطرة، 14 سنة من حكم الاحزاب الدينية للعراق والعداد مستمر هي فترة غير قليلة نسبية اذا ما قورنت ب 37 سنة من الحكم الملكي الذي بنى العراق من الصفر، أو 5 سنوات من حكم عبد الكريم قاسم بكل انجازاته و العمران الذي حصل بعهده، أو 5 سنوات من حكم الاخوين عارف، أو 11 سنة من حكم احمد حسن البكر الذي عاش فيه العراق عصرا ذهبيا…
الحل هو الكنس لا غير
متى يبدأ العراقيين بالاقتناع بان لا حل للعراق الا بكنس هذه الاشكال الحاكمة و قلع جذورها نهائيا بدون رجعة من هذا البلد؟ افكر في بعض الاحيان ان المشكلة ليست فقط بالحاكم، من اين اتت هذه الاحزاب؟ من اين يأتي نواب البرلمان كل 4 سنوات.؟ من يصوت، من ينتخب، من يصفق من يدعم؟ اليس الجميع من الشعب؟ شعب هذه الدولة منذ عام 1921 بدأ بسلم الصعود و الارتقاء نحو فهم الحرية و الدولة المدنية، المشكلة بالانحدار البطيء الذي حصل بعد 1958 حيث توالت النكبات السياسية و الاقتصادية خصوصا بعد حروب ايران و الكويت حيث صدمة الحصار الاقتصادي الذي ولد الفقر و العوز وهما المستنقع المثالي الذي تضمحل فيه الاخلاق و القيم، ظلّت الدولة متماسكة بفعل النظام و القانون حتى جاءت الصدمة الكبرى، الضربة القاضية في 2003 عندما تمت ازحة نظام صدام حسين.
نتيجة السكوت عن العصابة الحاكمة
انهارت المنظومة الاخلاقية للشعب العراقي بشكل شبه كامل، القلة التي حافظت على مبادئها و كيانها اما استطاعت الهروب للخارج وبدء حياة جديدة، او انها لا زالت تعاني الامرين في الداخل، البلد الذي تحول الى غابة من الوحوش الكاسرة و الضباع، انعدمت الاخلاق وسادت ثقافة البقاء للأقوى و عاشت القلة الضعيفة في ظل الفئة المغيبة السائرة خلف قرقوزات الاحزاب الدينية و من لف لفهم من اهل العمائم و اللحى من الدجالين، في الوقت الذي تحولت المناطق السنية الى بؤر موبوءة و ساحات حروب و حواضن للارهاب و الكراهية الطائفية، وهذا بالذات ما يريده قادة الاحزاب الحاكمة في بغداد لان تأجيج الكراهية و الطائفية و تخويف الشيعة من الغول (السني) البعثي الوهابي المدعوم قطريا و سعوديا و و و هو أساس نظرية بقائهم في الحكم.
يعتمدون على الخوف
بدون هذا الخوف سيتسائل الشيعي البسيط: أين الانجازات، أين الجسور، المستشفيات، المصانع، الزراعة، اين مليارات النفط؟ أين الوعود طيلة 14 عام… وهذا ما لا تريده الاحزاب بكل تأكيد فخلق كوارث على العراق مثل داعش و سبايكر، ثم تهييج المشاعر بالفتاوى و الحشد الشعبي هو الوسيلة الوحيدة التي تمدد بقاءهم، هذا بالدرجة الاولى من بعد مسرحيات المشّايات و اللطميات و جعل الدولة عبارة عن موكب حسيني كبير يوحدون فيه بعضهم بعشرات المناسبات الدينية الشيعية في كل عام. في بعض الاحيان افكر، انا خبير في تنظيف الكومبيوترات من الملفات الغير نافعة و الفايروسات والبرمجيات الخبيثة، كم اتمنى ان يسلموني العراق لأقوم بتنظيفه من العمائم و الجوامع والقاذورات الفكرية والدينية… ربما لن اكون انا من سيقوم بهذا لكن بالتأكيد سيأتي هذا الشخص الذي سيأخذ الدور ليقوم بهذه المهمه.
اتمنى ان يخصص مزبلة منفردة لإبراهيم الجعفري نظرا لندارة فصيلته (: .
هناك 2 تعليق على موضوع: الى متى البقاء في هذا الحضيض يا عراق؟
رأيك مهم، نتمنى منك قراءة التالي:
صديقي/صديقتي، التعليق في موقع صوت العقل متاح للجميع و نحن ملتزمون بنشر جميع التعليقات خلال فترة قصيرة جدا، الغرض من اتاحة هذه الخاصية هو لاثراء المواضيع و ممارسة حرية النقاش البناء و طرح الاراء لاننا نقدس العقل و ما ينتج منه عنه اراء، لذلك نتمنى من الجميع الالتزام بالنقاط التالية قبل التعليق:
- احترام الاخرين
- عدم الخروج خارج الموضوع
- يمنع النسخ و اللصق منعا باتا
- في حالة رغبتكم بادراج مصدر يمكنكم وضع الرابط له في التعليق
المذهب الشيعي اسوأ المذاهب الاسلامية على الاطلاق. ضاع البلد بسبب طقوس لا تعطي انطباع عند الاخر سوى انطباع التخلف. فاغلبية الشيعة عالمهم وجاهلهم نفس العقيدة يفضلون طقوس اللطم والزنجيل على بناء البلد. لا يهمهم ان سرقوهم او قتلوا اولادهم بالحروب والتفجيرات بل المهم ان تستمر الطقوس. جهلة بكل معنى الكلمة. واذكر فاجعة جسر الائمة التي راح ضحيتها اكثر من 2000 عراقي فكان رد الفعل الشيعي ان الضحايا ذهبوا فداء لآل البيت وهكذا مع كل حادث بسبب الطقوس. لذلك رغم مايدعون من استياء من رجال الدين لكن في الانتخابات ينتخبوهم من اجل الاستمرار بالطقوس وبسبب الفوبيا السنية. وبالنسبة للسنة هم اول من بدأ بالطائفية بحجة مقاومة المحتل لدرجة تحريم المشاركة بالانتخابات وانتمائهم للتيارات المتطرفة والخ. في العراق الاسلامي شهدنا ما لا يتصوره العقل والمسؤول الاول هو الشعب لأنه راضي بالتخدير الديني الطائفي وراضي بالعبودية وراضي بالحضيض. ومن ناحية ثانية عدم وجود قوة مدنية فاعلة لقيادة البلد بسبب الهيمنة الاعلامية الاسلامية ضد اي فكر يهدد وجودها. لكن مازال عندي امل بالقضاء على مفعول التخدير وازالة الوهم المقدس ، فالثورة الفكرية قادمة.
مع الاسف، اضيف ايضا نقطة اخرى وهي عدم وجود معارضة شيعية حقيقية سواء كانت سياسية او اعلامية و بأي شكل كانت، كنت اتمنى ان ارى تشكيلات شيعية سواء في داخل او خارج العراق تنأى بنفسها عن المشروع الذي تقوم به الاحزاب الدينية في العراق و تطرح رؤية مدنية للبلد… للأسف الظاهر ان الأغلبية العظمى من الطائفة الشيعية منجرف بهذا التيار أو موافق عليه… وكما قلت انا سابقا (اللطم، الهريسة، المشايات، المواكب و المناسبات الدينية لديهم) تجمعهم و توحدهم و هذا بالضبط ما تستغله الاحزاب الدينية الحاكمة في العراق.