
قل صح وخطأ ولا تقل حلال وحرام
يقولون إن الدين هو المصدر الوحيد للأخلاق والقيم النبيلة، بل إنهم يجعلونه مصدرا رئيسيا للتشريعات والقوانين فهل هذا صحيح؟ بالتأكيد إنه أمر خاطيء، لنجعل بوصلتنا أخلاقية وغير دينية، يجب أن لا تغرنا المحاولات اليائسة من تجّار ومدمني أفيون الشعوب عندما يربطون دينهم بالأخلاق. من جديد أقول أن الدين هو وسيلة سياسية إتبعها أشخاص معينين لتحقيق مكاسب سلطوية، مادّية، أو تنظيمية. بينما أخلاقنا هي تراكم وتطور التجربة الإنسانية منذ ملايين السنين، يعني الموضوعان منفصلان ولاعلاقة بينهما لكنهم يحاولون إعتبار الدين هو المصدر الوحيد للأخلاق وهذه مغالطة كبيرة.
الأخلاق هي شكل من أشكال الوعي حيث يتم إكتسابها لتصبح مرجعية ثقافية للشعوب ثم ترتقي لتصبح مرجعية قانونية للدول مثل الحرّية، العدل، حقوق الإنسان، والمساواة. أنا أعتقد إن الأخلاق هي سلوك لا يقتصر وجودة عند الإنسان بل يتواجد بتفاوت عند باقي الكائنات الحّية وهي برأيي عنصر يتكيف سلبا أو إيجابا حسب المحيط (العائلة والمجتمع). الأخلاق مثلها مثل باقي مكونات هذا الكون الواسع تمر بمراحل التطور عبر الزمن.

الفكر الديني الذي يحث على الأخلاق أساسه سرقة
شريعة حمورابي تعود الى 1790 عام قبل الميلاد والتي إقتبست منها كتب اليهود والمسيحيين والمسلمين المقدسة الكثير من النقاط (برأيي كانت سرقة فكرية لأن الإقتباس تم نسبته الى النفس بدون ذكر المصدر). توجد أيضا تشريعات عديدة تسبق تشريع حمورابي وصلت من الاشوريين وغيرهم، كل هذا يشير الى أن أخلاقنا اليوم هي نتاج بشري بحت وليس نتاج تعليمات تنزل من إله خالق للكون يستخدم وسائل بدائية لتعليم الأفكار الى الناس مثل إختيار أشخاص (أنبياء مثلا) من منطقة جغرافية واحدة (محظوظة) ويترك باقي البشر للمجهول، ناهيك عن الطرق الغير منطقية لنشر هذه الأخلاق والتعاليم الى باقي الشعوب الغير محظوظة عبر الفتوحات الإسلامية أو الحملات الصليبية المسيحية ومايرافقها من قتل وظلم وتدمير.!.
إقرأ أيضا: بقعة الأرض المقدسة، منبع الأكاذيب الكبرى
لهذا أنا أعتقد أن الأخلاق هي مفهوم أوسع وأشمل بكثير من محاولات أفراد عاشوا في صحراء الشرق الأوسط بمرحلة زمنية معينة حاولوا جمع بعض القيم الأخلاقية الجيدة من مجتمعاتهم في ذلك الزمان المحصور ليضعوه على هيئة قوانين في كتب جعلوها مقدسة مدّعين أنها نزلت من السماء. الأديان مليئة بالسلبيات ومفاهيمها ثابتة متحجرة تتبع نمط حياة عاشته أقوام ليس بالضرورة تنفع لزمان ومكان وشعوب اخرى بعيدا عن إكذوبة (الدين صالح لكل مكان وزمان)، على عكس الأخلاق والقيم التي يجب أن تكون نقية لايشوبها سلبيات ولا إنتقادات وتتطور بتطور الشعوب وإختلاف ثقافاتهم وأماكنهم.
لهذا يا صديقي
- عندما ترى شخص يسرق، قل هذا خطأ ولا تقل حرام
لأن السرقة موجودة في الأديان على هيئة غنائم وإستحلال ممتلكات المخالف - عندما ترى شخص يخون، قل هذا خطأ ولا تقل حرام
لأن الخيانة موجودة في الأديان على هيئة تعدد زوجات وسبايا حرب - عندما ترى شخص يقتل، قل هذا خطأ ولا تقل حرام
لأن القتل موجود في الأديان على هيئة جهاد وحروب دينية مقدسة ضد المخالفين - عندما ترى شخص يكذب، قل هذا خطأ ولا تقل حرام
لأن الكذب موجود في الأديان على هيئة تقية وخداع مشروع مباح في حالات معينة خدمة للدين

الخلاصة
إجعل من ضميرك وأخلاقك وما تمليه عليه إنسانيتك مرجعية لمعرفة الخطأ من الصواب، ولا تجعل من أفكار جاهزة تخدم أشخاص وأفكار وسياسات معينة تملي عليك قناعاتك. إجتهد وفكّر ولا تعطي الفرصة لشيخ جامع أو راهب كنيسة أو خادم معبد أن يملي عليك ماتفعله أو مالا تفعله. فجميعنا نبحث عن الطريق الصحيح ونجتهد لإرضاء ضمائرنا بالطريقة الصحيحة وليس خوفا من عقوبة ما أو طمعا في مكسب ما..!.. الجنة وجهنم مثلا ..!..
هناك 6 تعليق على موضوع: قل صح وخطأ ولا تقل حلال وحرام
رأيك مهم، نتمنى منك قراءة التالي:
صديقي/صديقتي، التعليق في موقع صوت العقل متاح للجميع و نحن ملتزمون بنشر جميع التعليقات خلال فترة قصيرة جدا، الغرض من اتاحة هذه الخاصية هو لاثراء المواضيع و ممارسة حرية النقاش البناء و طرح الاراء لاننا نقدس العقل و ما ينتج منه عنه اراء، لذلك نتمنى من الجميع الالتزام بالنقاط التالية قبل التعليق:
- احترام الاخرين
- عدم الخروج خارج الموضوع
- يمنع النسخ و اللصق منعا باتا
- في حالة رغبتكم بادراج مصدر يمكنكم وضع الرابط له في التعليق
تحية طيبة
الأستاذ المشرف
اشكركم على كلامكم واعلم ان الاعتذار من صفات العظماء ، وماذكرته من باب ويبقى الود مابقي العتاب
شكرا لك
الإستاذ المشرف
تحية طيبة
لم أقرأ منذ فترة في مدونة ولكثرة مشاغلي هذه الأيام
لكن اليوم حصل فرصة ، فراجعت تعليقك على تعليق لنا بدأ ((تعلیقاٌ على قولكم قل صح وخطأ ولا تقل حلال وحرام))
وأود ان اقول
المسلمون لاينكرون ان الله مصدر الخير لكنهم يقولون أن الإنسان بفطرته يدرك الخير ويدرك الشر ، وهذا الأمر يشترك فيه المؤمن والملحد ، البدوي والحضري ، فكل شخص يحب الخير ويكره الشر ، فحتى الذي يقتل الناس يستنكر القتل لو صدر من غيره ، انظر أمريكا هي الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي ضد الإنسانية وقتلت عشرات الالاف ولاتزال آثارها لكنها تستنكر القتل لو صدر من غيرها ، وأمثلة كثيرةموجودة ، فالله مصدر الخير لايتعارض مع وجود قوة مدركة في الإنسان تدعوه لعمل الخير وتكرّه له فعل الشر وبغضه ، وهذا ما يسميه المسلمون بالحسن والقبح العقلي فهل هذا مغالطة يا أستاذ
أما قولك الله يخضع للخير ، فإذا كان الله هو مصدر الخير ، فالمصدر لايخضع لما يصدر منه ، هل رأيت الشمس تخضع لما يصدر منها من ضوء ، ام الضوء يخضع لها ،
الأمر الثالث : تقول أن الدين أحكام مقدسة غير مرنة ، فالمقصود من المرونة هل يجب على الناس أن يغيّروا أحكام الدين إذا كانت صحيحة بدعوى ان أنها لاتنسجم مع العصر ؟ أم يجب على الناس إتباع الصحيح وإن ظنوا انه لايتناسب مع العصر ،؟
ولكن أظنكم تعيشون في بلاد الغرب ويصعب عليكم تطبيق قوانين الدين ، او سوء فهكم لأحكام الدين
كما يقول الشاعر :
وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
الإستاذ مصطفى لاتعتقد أني أريد أن أجرح مشاعركم بكلمة ، وأن قرأت لكم ما ينافي أخلاقكم السامية في تعليقي على المواطن الكردي
عندما قلتم ما معناه إن كانت الحكومة تشرفكم ، واعلم أنني كحال الكثير من العراقيين رافضين لتصرف الحكومة ،
وكذلك في نفس الرد كلامك على الشعب العراقي الغير مناسب والذي لاينسجم مع اخلاقكم التي نقرأها في التعليقات وشروط النشر التي التزمتم في المدونة ((عدم التلفظ بكلمات غير لائقة))
وشكراً
الأخ العزيز كاظم،
قرأت تعليقكم بعناية وأعتقد إننا نفهم الموضوع كل من منظوره الخاص ولهذا السبب أحترم وجهة نظرك تماما لأنه في النهاية نحن نتفق على ضرورة الإلتزام بالخير ونبذ الشر بغض النظر عن الأصل والمصدر. بالنسبة لموضوع الحكومة العراقية فأود أن اقدم إعتذاري لأنني لم أقصد الإساءة، ربما كنت أنا مندفع بعض الشيء وغاضب لما أرى من نمط سائد عن الكثير من العراقيين عندما يجعلون أشخاص من ساحة الأحزاب الدينية والحكومة أمثلة عليا بالنسبة لهم، وهذا مالم يجب علي إسقاطه في حوارنا السابق.
تقبل إعتذاري مرّة اخرى فأنت صديق وأخ كريم استاذ كاظم.
مودتي…
تحية طيبة
الأخ المشرف
تعلیقاٌ على قولكم قل صح وخطأ ولا تقل حلال وحرام
1 ــ يقولون إن الدين هو المصدر الوحيد للأخلاق والقيم النبيلة
يظهر لي من خلال كاتباتكم أنك قليل الإطلاع على الإسلام والدين بصورة عامة ، وأن أنكرت ذلك فأنت توجه للدين اتهامات باطلة وهذا ليس في صالحكم ، اذ فيك صفة حسنة أنك لاتقبل الكلام الغير لائق في مدونتكم ، والتجني على الغير كلام غير لائق ، ولكنني احسن الظن بك فاستبعدُ انك تتجنّى على الغير ، فاعتقادي أنك لم تقرأ عن الدين كثيراً .
فالمسلمون لايقولون أن الدين هو المصدر الوحيد للأخلاق ، بل يقولون بالحسن والقبح العقلي ، بمعنى أنه لو لم يوجد في الدنيا أي دين فالعقل يدرك بذاته حسن العدل وقبح الظلم ، وحسن كل ما يمكن أن يكون حسنا وقبح كل ما يكون قبيحاً ، وللتأكّد مما أقول عليك بمراجعة كتب أصول الفقه عند الشيعة تجدهم يضعون مبحثاً خاصا اسمه الحسن والقبح ، ويبطلون الرأي القائل أن الحسن ما حسّنه الشرع والقبيح ما قبّحه الشرع ، ثم يثبتون أن الحسن ما حسّنه العقل والقبيح ما قبّحه العقل ، نعم الدين يضع قوانين اخلاقية موافقة لما يحكم به العقل فبعض الجزئيات لايدركها العقل ، فالعقل لايدرك أن أكل لحم الخنزير فيه أضرار ، ولايفرق بينه وبين لحم الغنم ، بينما الشرع يدرك ذلك ويحرمه ، والأخلاق ليست ناتجة من التجارب البشرية فقط ، فلو كانت الأخلاق كما تقول لكان الإنسان الأول لا أخلاقه إذ تجاربه له أو كانت تجاربه قليله ، أو لكانت اخلاقه الإنسان الأول تخالف اخلاق الإنسان المعاصر ، فقد يكون الظلم عند الإنسان الأول حسنا لكنه قبيح عند الإنسان المعاصر ، وقد يحدث العكس لإنسان القرن الخامس والعشرين
2 ـ والأخلاق هي شكل من أشكال والوعي كلام لاغبار عليه ، ولكن الأخلاق لاتكفي لوحدها لتصبح مرجعية قانونية ، بل لابد من قانون ينظم الناس على أساس اخلاقي ليجعل الأخلاق مرجعية قانونية يحكم بها العقل من خلال ذم القبيح ومدح الحسن
اما النقطة الأخرى لماذا لايصلح الدين أن يكون مصدرا للتشريع ، فماهي صفات وخصائص مصدر التشريع الرئيسي ، وهل هي مفقودة في الدين وموجودة في غيره ؟
3 ـ وأما أن الدين وسيلة سياسية ، ذكرنا في تعليق سابق في مدونتكم أن الدين هو السياسة والسياسة هي الدين ، انظر معنى السياسة في المعاجم اللغوية فقد جاء في كتاب معجم البحرين ((كان بنو إسرائيل تسوسهم أنبياؤهم”)أي تتولى أمرهم كالأمراء و الولاة، بالرعية من السياسة و هو القيام على الشيء بما يصلحه)
فالدين يهدف الى اصلاح الإنسان ، على المستويين الفردي والجماعي ، أما تحقيق المكاسب السلطوية فليس غرض الدين التسلط على الناس بل غرض الدين إيجاد سلطة تقود الناس على الطريق الصحيح وتمنع وقوع الظلم والفوضى فهاك فرق بين السعي للتسلّط على وبين إيجاد سلطة وحكومة تنظم أمر الناس
وأما قولكم قل هذا حلال وهذا حرام ولاتقل هذا صح وهذا خطأ ، الإختلاف بين الأمرين لفظي ، فالحلال يعني ان العمل صحيح والصحيح يعني عدم وجود مخالفة ، والحرام يعني وجود مخالفة فهو عمل خطأ
عزيزي استاذ كاظم، هنا ستجعلني أرجع الى أصل الأخلاق وهو مفهوم الخير … ومعاكسه الشر.
أنت من تقع في مغالطة كبيرة الان، المسلم يؤمن و يقول إن “الله هو مصدر الخير” وبهذا ومن دون الدوران حول الكلمات ومعانيها، سيكون (الله) مصدر الأديان هو المصدر الوحيد للخير ولا يمكن الفصل مابين عناصر هذه الحزمة، مرّة اخرى بعيدا عن الدخول في تفاصيل كتب الطوائف الإسلامية فلنبق الأمر بسيطا ومفهوما للزائر.
أما اذا إعتبرتم أن الخير هو الخير بحد ذاته فهنا سيكون هذا الخير هو منطق منفصل عن الإله (الله في هذه الحالة) وبهذا سيكون الله نفسه خاضع له وهذا ما لا يؤمن به المسلم بالتأكيد.
فأي الأمرين هو الصحيح بنظرك؟ الأول وهو ما كنت قد كتبت أنا عنه، أم الثاني؟
أنت تقول ايضا (لماذا لايصلح الدين أن يكون مصدرا للتشريع ، فماهي صفات وخصائص مصدر التشريع الرئيسي ، وهل هي مفقودة في الدين وموجودة في غيره ؟)
هنا أجيبك بكل بساطة وأتجاوز كل الطعون بصحّة الأديان من عدمها (بضمنها الإسلام)، وسأتمسك بجزئية واحدة وهي أن الدين هو عبارة عن أفكار مقدسة غير مرنه لا تتغير بتغير الظروف ولا يصلح لكل زمان ومكان كما يزعمون، على عكس القوانين التي تسمونها (وضعية) فهي مرنه وقابلة للنقد ومن ثم التغيير وتأخذ قالب المجتمع والدولة التي تكون فيها. فمن غير المنطقي أن تكون مجموعة تعاليم نزلت على قبيلة في صحراء أبعد ماتكون عن الحضارة، ملائمة لمئات والاف السنين تعبر الحدود وتفرض نفسها على مختلف الأعراق…الخ.
هذا أبسط سبب ينفي ملائمة الأديان لتصبح قوانين للمجتمعات. ويبقى الكثير.
شكرا لك