
عراق علماني بعيد عن الدين و القومية
اليوم نشهد الانفاس الاخيرة للعراق بمفهومه الحديث الذي نعرفه يمتد من زاخو الى البصرة، هذا البلد يحتضر بعد عقود من الحروب و التدمير الممنهج للبنية التحتية للدولة، والانحدار الدرامي للمنطومة الاخلاقية للمجتمع. هذا البلد وبغض النظر عن الاسباب و المسؤولين عن هذا الواقع المشوه، لديه فرصة واحدة لكي يلملم شظاياه ويرتقي مرة اخرى وهي الابتعاد عن الدين الذي يفرق مابين البشر ويزرع الكراهية والتفرقة مابين الانسان واخيه، ويطرد عمائم الشر ورجال الدين الفاسدين المتحكمين بمصائر البسطاء وبالتالي البلد ككل.
اسطورة الدين منبع الاخلاق
يتخيل الكثير من البسطاء ان الدين هو الذي يحافظ على الاخلاق والفضيلة في المجتمعات وان من يدعو الى التخلي عن الاديان ما هم الا مجموعة من البشر تحاول العيش بالرذيلة و الملذات. فهل هذا صحيح؟ هذا الكلام هو خاطيء بالتأكيد لسبب بسيط وهو ان الاديان لم تأتي بشيء جديد، الدين لم يخترع الاخلاق !! الدين لم يخترع الصفات الحميدة والفضائل !! الدين لم يكن اول من اشار الى المكروهات والممنوعات وحاربها مثل السرقة والكذب… الاخلاق قد تطورت بالفطرة الانسانية بمرور الاف السنين ولم يأتي بها الدين !! مسلة حمورابي لم تأت بقوانينها من الدين ولم تميز مابين الخير والشر بسبب الدين !! الفطرة الانسانية علمت البشر ان السرقة والكذب وخيانة الامانة والقتل كلها من الامور المكروهة التي يجب الابتعاد عنها، نفسها الفطرة الانسانية التي علمت البشر ان الصدق و حفظ الامانة هي من الامور المحببة، وهذا ينطبق على مفهومي الخير والشر.
إقرأ أيضا: خطأ المقارنة مابين التجربة الالمانية و العراقية مابعد الحرب
الاديان ماهي الا وسيلة اخترعها العقل البشري من اجل تفسير الظواهر الطبيعية التي كانت ترعب البشر مثل الفيضانات والبرق والرعد والكسوف والخسوف والامطار والجفاف والظواهر الاخرى الغير مفسرة في ذلك الزمان قبل ان يفسرها العلم، احتاج البشر الى قوة خارقة لكي توفر له بعض الامان عندما يلجأ اليها في وقت الشدة، صنع البشر الهتهم في ذلك الزمان، الاصنام والتماثيل، النار، الشمس، الحيوانات، القمر وغيرها من الالهة التي استفاد منها الكهنة منذ ذلك الزمان، الى ان جاء ابراهيم بفكرته الخطيرة التي نقل فيها الاله من الارض الى السماء في المجهول، وانتفع من هذه الفكرة الكثيرين من الدجالين مدعي النبوة والتواصل مع ذلك الاله القابع في المجهول في السماء.
ماذا استفادت البشرية من الاديان ؟
الدين هو السبب الرئيسي للحروب مابين البشر، ولن يتقدم شعب لا يفكر افراده الا بما بعد الموت، هذا التفكير لا يدفع لبناء الحضارة لانهم مقتنعين انهم سيعيشون مجددا، الدين هو اكبر عائق لعجلة التطور والنمو والحضارة لهذا نرى ان الشعوب المحترمة تحكمهم اخلاقياتهم ومبادئهم فقط ولا يحكمون على الاخر بناءا على الدين والمذهب والعرق.
سببين رئيسيين كانا وراء دمار العراق الحديث ووصوله الى هذا الحضيض الذي نشهده اليوم، العصبية القومية، والتدين. فيما مضى كان العراق يضحي ويدخل الحروب من اجل قضية القومية العربية واليوم يتمزق في سبيل التعصب الديني، كانت التهمه سابقا التي توجه الى المخالفين في زمن القومية هي ( الخائن العميل ) ثم اصبحت في زمن التدين والتعصب للاسلام الايراني والسعودي هي ( الكافر المرتد). متى ما تحرر العراق من قيود القومية الكاذبة والتدين الزائف، فيمكن ان يكون له امل، عدا هذا هذا البلد سائر الى التقسيم والحضيض.
هناك 6 تعليق على موضوع: عراق علماني بعيد عن الدين و القومية
رأيك مهم، نتمنى منك قراءة التالي:
صديقي/صديقتي، التعليق في موقع صوت العقل متاح للجميع و نحن ملتزمون بنشر جميع التعليقات خلال فترة قصيرة جدا، الغرض من اتاحة هذه الخاصية هو لاثراء المواضيع و ممارسة حرية النقاش البناء و طرح الاراء لاننا نقدس العقل و ما ينتج منه عنه اراء، لذلك نتمنى من الجميع الالتزام بالنقاط التالية قبل التعليق:
- احترام الاخرين
- عدم الخروج خارج الموضوع
- يمنع النسخ و اللصق منعا باتا
- في حالة رغبتكم بادراج مصدر يمكنكم وضع الرابط له في التعليق
دائما اسمع من الناس انهم سابقا كانوا لا يعرفون جيرانهم على أي مذهب ولم توجد لديهم أي طائفية الا عند مجيء هذا الحكومة واحزابها للسلطة ، مزقت العراقيين بالطائفية والمحاصصة. لكن انا برأيي انه سابقا كان العراق علماني والفكر اليساري كان منتشرا وهذا الفكر لا يعترف الا بالانسان كقيمة عليا لذلك لم تكن هناك طائفية، وبعد مجيء صدام للسلطة قضى على كل فكر مخالف ثم بدأ حملته الايمانية وفسح المجال لرجال الدين ببث السموم ومنها زرعت الطائفية وعندما استلمت الاحزاب الاسلامية السلطة وجدت الارض خصبة والشعب مغيب فأعطى ثقته بهم لأنه كان يظن ان الاسلام هو الحل ، لذلك الشعب مسؤول عن هذا الخراب واكتشف ذلك متأخرا وهو الان يحاول ان يتشبث بالعلمانية وبدأ الفكر العلماني ينتشر لكن ماينقص هو القيادة وهذه مشكلة كبيرة.
كلام سليم،
كانت هناك فرصة لردم الصدع الطائفي في البلد لوكانت هناك سياسة مستمرة من التنمية وإنهاء الولاءات العشائرية، الطائفية والخارجية وربطها بطريقة ذكية لخدمة الدولة. للأسف لم نشهد هذا لمدة طويلة فسرعان ما إنحدر العراق لهاوية التخلف الديني.
لا أعتقد إن هناك فرصة لدولة مفردة أن تحقق تطورا فكريا طويل الأمد بسبب محيطها الإسلامي. المحيط يلعب الدور الحاسم.
لماذا كل هذا التحامل على الدين؟
الدين هو وسيلة للتواصل مابين العبد و ربه ولا ضير في هذا الموضوع
الان اصبحت مشاكل العراق بسبب الدين؟
ﻷن الدين هو أساس البلاء و الدمار في هذه البشرية
الدين هو سياسة و انشيء كوسيلة لكسب السلطة و القوة
لو كان الدين هو تواصل مابين الانسان و الهه كما تقول لما انتقد احد الدين ولما كان هناك مصلحة لاحد بانتقادة ابدا، لكن الاديان بشكلها الحالي و خصوصا الاسلام اليوم، من مصلحة الجميع بل البشرية كلها مواصلة الانتقاد و كشف الخبايا و الاسرار لازالة القدسية الزائفة.
شكراً مصطفى على هذا المقال التحليلي الرائع والشامل، ولكن للأسف لا توجد آذان صاغية ولا عقول واعية ولا قلوب نظيفة لكي تكون يداً واحدة من أجل إنقاذ العراق والبلدان العربية الأخرى من مستنقعات الطائفية والمذهبية والأوهام التاريخية، والسير بأوطانها وشعوبها نحو الحرية والمساواة والعدل والتطور، وتعزيز مبادرات وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة بعيداً عن ديانة الأشخاص والمحسوبيات الشخصية والتعصب القبلي والمذهبي.
الاخت منال المحترمة،
تحية طيبة…
في الحقيقة انت محقة لا توجد اذان صاغية كما نتمنى لكن نحن نخلي مسؤوليتنا ونرضي ضميرنا ونحاول وثقي ان التغيير قادم فعصر العلم والانترنت والتواصل الاجتماعي قلب الموازين وكما يقال فإن “الاسلام انتشر بالسيف، وسينتهي بالفيس” أي الفيسبوك واخوانه. لا نتوقع من شخص ننتقد ايمانه الذي تربى عليه ان يتغير مباشرة لكن كل هذا المجهود هو لزرع بذة الشك التي ستنمو وتأخذ الانسان الى الطريق الصحيح.
شكرا لمرورك.