---

في هذا الموضوع الذي سيكون الأول من ضمن سلسلة مواضيع قادمة سأكتبها حول حماية البيانات و الخصوصية أثناء إستخدام الإنترنت، ستجد كل ما تحتاج معرفته لتبدأ رحلة حماية بياناتك و خصوصيتك بإستخدام التكنلوجيا المتوفرة و أهمها الشبكات الخاصة الإفتراضية VPN`s. كتعريف أولي لمعنى هذه الشبكات الإفتراضية VPN، تستطيع القول إنها شبكات مفيدة جدا وبكل بساطة تجعلك في (بيئة أمينة) بعيدا عن أعين المتلصصين. الشبكة الإفتراضية لا تسمح لأي شخص غير مرخص بالدخول إليها والإطلاع على ما يجري فيها.

ما هي الشبكات الإفتراضية؟

الشبكات الإفتراضية VPN`s هي مجموعة من السيرفرات التي تستطيع الإتصال بها عبر شبكة الإنترنت المتوفرة لديك. ما إن تستطيع أن تؤمن إتصالا بسيرفر ال VPN، سيصبح هو بيتك الإفتراضي في الإنترنت. و كأنما قمت بنقل نفسك إلى مساحة أمنة في مكتب ما ببقعة ما في الكرة الأرضية.
عندما ستقوم بتصفح الإنترنت من هذه المساحة المؤمنة، كل البيانات التي الصادرة و الواردة من / إلى حاسوبك ستكون مشفرة، وبهذا ستتمتع بقدر جيد من الخصوصية. ما إن ترتبط بهذه الشبكة الإفتراضية، لن يستطيع مزود خدمة الإنترنت في بلدك (أو الجهة التي تتجسس عليك) معرفة ما هي المعلومات التي تتصفحها وتتعامل معها.

لماذا إستخدام الشبكات الإفتراضية VPN ؟

السبب الإول لإستخدام الشبكات الإفتراضية VPN لدخول الإنترنت هو الحماية حيث ستكون كل معلوماتك وبياناتك مشفرة، إذا حاول مخترق ما (هاكر) إعتراض و تتبع نشاطاتك على الإنترنت أثناء إدخالك تفاصيل بطاقة إئتمانك عند الشراء مثلا، محادثاتك أو المواقع التي تتصفحها، فإن التشفير سيكون حاجزا كبيرا يمنعه من فعل ذلك. ولهذا السبب سيكون من الجيد إستخدام الشبكات الإفتراضية VPN عند إستخدام الإنترنت في الأماكن العامّة مثلا كالمقاهي و المطارات.
السبب الثاني المهم لإستخدام الشبكات الإفتراضية VPN يتعلق بالخصوصية. إذا أردت مثلا تصفح موقع سياسي معارض لحكومتك، أو إذا أردت مثلا الدخول في نقاشات حول الدين المهيمن في مجتمعك، فهذه أمور تخصك أنت وحدك ولا يحق لأحد اخر أن يعرف ماذا تفعل في هذا المواقع !! ولهذا بتشفير بياناتك عند إستخدامك للإنترنت، سيكون كل ما تبحث عنه، كل ما تقوله في المنتديات، ما تعلق عليه في المدونات أو ما تشاهده في مقاطع فديو، سيكون كله أمرا خاصا بك وحدك، وهذا أمر جميل !!
أمر مهم يجب معرفته إنه بإستعمالك للشبكات الإفتراضية VPN، ستكون بياناتك التي يتم إرسالها و إستقبالها من و إلى حاسوبك محمية، لكنها لا تحميك بالضرورة من تتبع المواقع نفسها إذا ما كانت تستعمل برمجيات خبيثة أو متتبعات إعلانية وغيرها، وبهذا يبقى إختيار الموقع الألكتروني ذو السمعة الجيدة هو من مسؤوليتك أنت وهذا أمر سهل.

(الشبكات الإفتراضية VPN تحمي بياناتك الصادرة والواردة من المتطفلين و الحملات الإعلانية والمخترقين، لكنها لا تتدخل بسلوك المواقع الألكترونية التي تزورها)

لتجنب التتبع، ينصح بإستخدام (الوضع المجهول أو الخاص incognito or private mode)، قد تحتاج أيضا لإستخدام برمجيات خاصة بمنع التجسس و إختراق الخصوصية مثل gohistory على سبيل المثال لا الحصر.
سبب اخر يتم أخذه بعين الإعتبار عند إستخدام الشبكات الإفتراضية VPN هو إمكانية تزويدك بموقع إفتراضي، فكما هو معلوم، كل جهاز متصل بالإننترنت يحصل على عنوان IP من مزوّد الخدمة في بلده، و عن طريق هذا العنوان يمكن تتبعه و معرفة بلده ومدينته وعنوانه وتفاصيل اخرى كثيرة، لكن مع الإتصال بالشبكات الإفتراضية VPN لن تستطيع اجهزة الدول التي تحكمها الأنظمة القمعية من ربط عنوان ال IP بعنوانك الحقيقي إذا ما أرادوا أن يحاسبوك على تعليق قمت بكتابته و لا يتماشى مع الأفكار الفاشية السائدة مثلا. هل أردت الدخول إلى موقع ألكتروني لا يسمح للزوار من دولتك بالدخول إليه ؟ هل تريد قراءة محتويات من موقع محجوب من قبل حكومتك القمعية التي تحارب الفكر الحر ؟ ببساطة الشبكات الإفتراضية VPN هي الحل لتجاوز كل هذه العقبات الغير ضرورية.
موضوع تغيير العنوان ممكن أن يعمل بطريقة عكسية أيضا، ففي حالة كونك خارج بلدك و تسكن حاليا في دولة اخرى، لكنك تريد الدخول إلى خدمات متوفرة لبلدك فقط مثل حسابات البنوك الألكترونية التي لا تقبل من مشتركيها الإتصال إلا من البلد الأم، فالشبكات الإفتراضية VPN تمنحك الفرصة لتغير عنوانك إلى بلدك الأصلي.

القاعدة الذهبية، لا تكن مغرورا

بالطبع عند تصفح الإنترنت بإستخدام الشبكات الإفتراضية VPN ستكون لديك فرصة جيدة لتجنب قوانين الحجب و المراقبة في بلدك، لكن لا تنسى أبدا إنك لا تزال ضمن حدود دولتك وتخضع لقوانينها ( التي ممكن أن تكون جائرة ). إستخدام خدمة الشبكات الإفتراضية لا يجعل منك شخص غير مرئي، بل يجعلك شخص مجهول. وبهذا لو كانت لديك تصرفات مثيرة للشبهة في بلدك ووقع تحت نظر أجهزة دولة مختصة وتمتلك الموارد و الوقت، سيصلون إليك.

كيفية إختيار خدمة الشبكات الإفتراضية VPN

هناك العديد و العديد من مقدمي خدمة الشبكات الإفتراضية VPN لكي تختار منهم، لكن الإختيار الأمثل يكون عبر مراعاة النقاط التالية:
1. التكلفة على حساب الأمان
في العموم، كلما كانت الخدمة أمنة، كلما كان السعر أكثر. معظم المستخدمين مرتاحين لإستخدام الخدمات التي تتراوح أسعارها ما بين 5 دولارات و 12 دولار شهريا. الإنتباه إلى التقييمات (الحقيقية) التي يكتبها المستخدمون في مواقع تقييم هذه الخدمات يلعب دورا مهما جدا في الإختيار المناسب من حيث الإستمرارية والسمعة الجيدة في حماية مستخدميها.
2. هل يحتفظون بسجل النشاطات Logs ؟
من الناحية الأمنية، عنصر مهم جدا يفصل ما بين مزوّدي خدمة الشبكات الإفتراضية VPS وهو هل يحتفظون بسجل لنشاطات المستخدم و نشاطاته عبر تصفح الإنترنت؟ إذا كانت الخدمة لا تحتفظ بهذا النوع من السجلات فهذا يعتبر عنصر إضافي لحمايتك. أما إذا كانت الشركة تحتفظ بمثل هذا النوع من السجلات، فإنها (السجلات) ممكن أن يتم إستخدامها للوصول إليك.
3. مشاركة عنوان ال IP
عنصر اخر لتقييم خدمة الشبكات الإفتراضية VPN هو معرفة إذا كانت خدمة الشبكة الإفتراضية VPS ستعطي عنوان ال IP لمجموعة من المستخدين، وهذا ما يجعل عملية ربط هذا العنوان بمستخدم واحد صعبة لأن عدد من المستخدين قد إستخدموه في نفس الوقت، وبهذا يكون عنوان ال IP المشترك عنصر إضافي للحماية.
4. موقع السيرفرات
مع التطور الرهيب في عالم الإتصالات اللاسلكية، هذا يجعلنا ننسى إن الإنترنت لا يزال مربوط بالكيبلات و ألأسلاك. وبهذا إختيار مزود الخدمة ألذي لديه عدد أكبر من المواقع حول العالم هو بالتأكيد عنصر مهم جدا لتوفير السرعة و المرونة.
5. عدد السيرفرات
إختيار مزود الخدمة الذي لديه عدد أكبر من السيرفرات يعني إنك لن يتم حشرك في سيرفر ممتليء و مزدحم بالمستخدمين الاخرين مما ينتج عنه إنترنت بطيء وخدمة سيئة.
6. دعم الأجهزة المتعددة
بمجرد اشتراكك بخدمة ما، سترغب بإستخدامها مع أكثر من جهاز كالموبايل والتابلت وليس فقط الكومبيوتر، معظم المزودين يدعمون 5 أجهزة متصلة في نفس الوقت، هذه النقطة مهمة لأصحاب الأجهزة المتعددة.
7. تسريب المعلومات
أنصح بالإشتراك بالخدمة لفترة تجريبية ( وهو ما توفره أغلب مزودي الخدمة )، وما إن تستخدمها إتجه للمواقع التي تعطيك تفاصيل عن إتصالك مثل هذا الموقع من هنا ، إذا رأيت إسم مزود الخدمة الحقيقي الخاص بك، أو إذا رأيت عنوانك الحقيقي مكتوب و مثبت على الخارطة، فعندها ستحتاج إلى متابعة البحث عن مزود اخر للخدمة بالتأكيد.
8. واجهة المستخدم
هذه النقطة هي الأخيرة و هي إختيارية و لكنني أفضل أن تكون واجة المستخدم الخاصة بالخدمة سهلة بعيدة عن التعقيد، هل من السهل التشغيل ؟ هل من السهل تغيير الموقع ؟ هل من السهل إلغاء الإشتراك في حالة الرغبة بذلك؟

---